أصل الحياة: 1- ما هي الحياة؟1 min read

You are currently viewing أصل الحياة: 1- ما هي الحياة؟<span class="wtr-time-wrap after-title"><span class="wtr-time-number">1</span> min read</span>

مقدمة:

هل أوضح التطور بحسب داروين كيف ظهرت الحياة إلى الوجود؟ هل كان العلماء قادرين على خلق شكل اصطناعي للحياة البسيطة مثل البكتيريا على سبيل المثال من أشياء غير حية؟ هل تمكن العلماء من تكوين DNA أو RNA؟ هل كان العلماء قادرين على إنشاء الجزيئات العضوية المطلوبة لتكرار ظروف الأرض قبل ظهور الحياة عليها؟ هل كان العلم قادرا على تفسير أصل الحياة؟ هل تشكلت في بحيرة من المكونات العضوية (Primordial soup) ، في الطين، في فتحات البراكين اسفل البحار أم أنها تشكلت في مكان آخر في الفضاء الخارجي وهبطت على الأرض؟

قد يعتقد البعض أن العلم قد أجاب بالفعل على كل هذه الأسئلة، أو أنه على وشك الإجابة عليها جميعًا. والحقيقة هي أنه على الرغم من كل الجهود العلمية التي بذلت لدراسة أصل الحياة لأكثر من 70 عامًا، لم يتم تحقيق أي شيء مميز. لا تزال جميع النتائج مجرد فرضيات، وبسبب الاكتشافات العلمية الجديدة خلال هذه السنوات، زادت الفجوة اكثر، مما زاد من صعوبة الاقتراب من الإجابات.

في هذه السلسلة من المقالات سنناقش الأسئلة المذكورة أعلاه، و نوضح أخر ما توصلت اليه العلوم المتعلقة بأصل الحياة (origin of life) .

تعريف الحياة:

قبل الحديث عن أصل الحياة، قد يكون من المثير للاهتمام أن نحدد أولاً: ما هي الحياة؟

تصف ويكيبيديا الحياة بأنها:

“… صفة تميز الكيانات المادية التي لها عمليات بيولوجية، عن تلك التي ليس لها، إما لأن هذه الوظائف توقفت (ماتت) أو لأنها لم تكن لديها مثل هذه الوظائف مطلقًا وتصنف على أنها غير حية.

توجد أشكال مختلفة من الحياة، مثل النباتات والحيوانات والفطريات والبكتيريا.

لا يوجد حاليا أي اتفاق بشأن تعريف الحياة. أحد التعريفات الشائعة هو أن الكائنات الحية هي أنظمة مفتوحة تحافظ على التوازن (حالة الاستقرار – homeostasis)، وتتكون من خلايا، ولها دورة حياة، وتخضع لعملية التمثيل الغذائي، ويمكن أن تنمو، وتتكيف مع بيئتها، وتستجيب للمحفزات، وتتكاثر وتتطور. وتشمل التعريفات الأخرى في بعض الأحيان أشكال الحياة غير الخلوية مثل الفيروسات.

اعتمدت ناسا تعريفًا مجردًا لتعريف الحياة خارج كوكب الأرض على أنها “نظام كيميائي مستمر ذاتيًا (self-sustained) قادر على الخضوع للتطور الدارويني”.

ومع ذلك، تركز هذه التعريفات بشكل أساسي على خصائص الكائن الحي، وليس على ماهية الحياة الحقيقية.

لقد ناضل العلماء الملحدون أيضًا من أجل التوصل إلى تعريف للحياة. في إحدى المناقشات حول تعريف الحياة، تجنب علماء ملحدون مشهورون مثل ريتشارد دوكينز وكريغ فنتر تعريف ماهية الحياة، مفترضين أن بإمكانهم البحث عن أشكال أخرى للحياة، أو دراسة أصل الحياة دون تعريفها.

ومن الجدير بالذكر أنهم ذكروا بوضوح عدة مرات خلال المناقشة أنهم ببساطة “لا يعرفون” تعريف الحياة، وأن العلم بعيد جدًا عن تفسير أصل الحياة. ويظهر ذلك الجدل أيضاً خلافاً كبيراً داخل المجتمع العلمي حول أصل الحياة، حيث كان بعضهم متفائلا بأنهم سيحلون اللغز خلال 20 إلى 30 سنة، بينما كان البعض الآخر على يقين بأننا لن نتمكن أبداً من حل مثل هذا اللغز.

فكيف يمكننا مناقشة أصل شيء ما إذا كنا لا نعرف ما هو هذا الشيء في المقام الأول؟

وجهة النظر المادية:

يحاول العلماء الذين يؤمنون بالمادة فقط (Materialists) دائمًا تعريف كل شيء من خلال الفيزياء والكيمياء، وتعريف الكائنات الحية على أنها جزيئات، و النظر للحياة كمواد كيميائية تؤدي العمليات البيولوجية. لذا فإن افتراضهم الرئيسي هو أنه إذا كنا قادرين على إعادة إنشاء أو تصنيع الكيمياء اللازمة للحياة، كالجزيئيات الاساسية، فيمكن للحياة أن تتطور وفقًا لذلك، حيث توجد حياة من اللاحياة.

ويواجه هذا الافتراض الكثير من الصعوبات:

(1) تجاهل الكثير من الجوانب غير المادية في الحياة التي تحتاج إلى تفسير، مثل: العواطف، والأخلاق، والوعي، والخيال، والفنون، والذكاء، واللغة، وما إلى ذلك. فرغم أن المواد الكيميائية والجزيئات مطلوبة للحياة كأجهزة، فإن الحياة بالتأكيد شيء اخر. ولم يتم تقديم أي شيء مقنع حتى الآن لتفسير كيفية تطور هذه الجوانب من التفاعلات الكيميائية.

(2) لقد كان إنتاج الحياة العضوية من الكيمياء غير العضوية أمرًا صعبًا للغاية، ومنذ تجربة ميلر-يوري عام 1952، وبعد 70 عامًا، لا تزال النتائج بعيدة جدًا عن تحقيق أي نجاح ملحوظ.

(3) تحديد الظروف الحقيقية المبكرة للأرض قبل ظهور الحياة عليها لمحاولة تكرار كيمياء الحياة، كدليل على فرضية أصل الحياة.

(4) تحديد الشكل الأولي للحياة، أي ما هو اقل تبسيط ممكن للخلية الحية لنعلن أن لدينا كائن حي؟

(5) إذا نجحنا في إنشاء كل كيمياء الحياة العضوية، فكيف نجمعها معًا في بيئة فيزيائية؟ وكيف تم كل ذلك من تلقاء نفسه، في عملية غير واعية غير موجهة تمامًا، فقط عن طريق الصدفة والوقت؟

(6) بافتراض أن لدينا خلية مكونة بالفعل تعمل بكامل طاقتها، وماتت للتو، وبالتالي أصبحت كل الكيمياء والفيزياء موجودة، فكيف يمكن إحياء تلك الخلية الميتة وجعلها “تعيش” مرة أخرى؟

سيتم تغطية التفاصيل حول هذه النقاط في المقالات التالية

مثال السيارة:

تخيل سيارة جديدة، تأتي في قطع صغيرة متناثرة وغير مرتبة وآلاف القطع المختلفة، وليس لديك أي أدوات على الإطلاق، ولا خبرة، ولا معلومات سابقة عما ستنتجه هذه الأجزاء في النهاية، والآن يجب عليك البدء في إنتاج سيارة جديدة. شيء ذو معنى سيصبح سيارة.

ماذا لو لم تكن هذه الأجزاء كلها في الجراج الخاص بك، ولكن بعض الأجزاء موجودة في البراكين، والبعض الآخر في المحيطات، والبعض الآخر مدفون في الأرض، والبعض الآخر نادر جدًا العثور عليه، وأنت لا تعرف حتى أنك ستحتاج إليها؟

ماذا لو كان مطلوب ان تكون هذه السيارة أيضًا ذاتية الحركة، مثل القيادة بمفردها، أو القدرة على الحصول على الوقود الخاص بها دون أي برنامج (software) ؟

ماذا عن التآكل الذي قد يؤثر على هذه الأجزاء قبل إنهاء المهمة بنجاح؟

هل تعتقد أنك سوف تكون قادرا ابدا على إنتاج تلك السيارة ؟ على الرغم من أن هذه المهمة تبدو صعبة للغاية، إلا أنها لا تزال أسهل بكثير مما يفترض بعض العلماء أنه حدث بالصدفة لتكوين الخلية الحية.

وجهة نظر علمية أخرى:

الكثير من العلماء غير مقتنعين بوجهة النظر المادية حول تعريف الحياة وأصل الحياة.

ومن الأمثلة على ذلك بول ديفيز – وهو عالم غير مؤمن – الذي شرح في إحدى محاضراته (المرجع 3) رؤيته لعلم الأحياء بأنها: المعلومات! أن الأمر كله يتعلق بالتشفير والإشارات والتعليمات (coding, signals, and instructions)، و هو هنا يشير إلى المعلومات البيولوجية مثل التي في الحمض النووي ، في حين أن الفيزياء/الكيمياء تدور حول المادة والقوة والطاقة، مما يشير إلى أن الحياة هي بالتأكيد أكثر من مجرد كيمياء وفيزياء. وذكر أيضًا أنه لكي نتمكن من الإجابة على “كيف” نشأت الحياة، نحتاج للإجابة على هذه الأسئلة أولاً حول:

(1) كيف تتطور البرامج (software) – مثل التي في الخلية لقراءة الحمض النووي – من الماديات (hardware) – أي من الكيميائية.

(2) كيف تتطور الاشكال المعقدة القابلة للبرمجة  – و هو هنا يشير إلى البروتينات كأشكال مجسمة – من مجرد “جزيئات” كيميائية لا ذكاء لديها

(3) كيف يتطور تخزين المعلومات الرقمية (Digital)  – مثل تلك التي على الحمض النووي ( A G C T )  – ومعالجتها من المعلومات التناظرية (analog information)، و هنا يقصد اشكال المركبات الكيميائية

(4) كيف تتطور المعلومات ذات وصيفة مددة و هدف من مجرد رموز عشوائية او مكررة (معلومات شانون)

(5) كيف ينشأ تدفق المعلومات من أعلى إلى أسفل و يتطور من تدفق من أسفل إلى أعلى

استخدم علماء آخرون مثل جون لينوكس وستيفن ماير هذا التشبيه للبرامج والأجهزة عدة مرات، وكيف أن الخلايا مليئة بالمعلومات، وبما أنه لا يمكن إنشاء المعلومات من تلقاء نفسها ما لم يتم استدعاؤها بواسطة عامل ذكي خارجي، فلا بد من وجود مصممًا ذكيًا قام بتشفير الخلايا الحية

وجهة نظر مسيحية:

حسب العقيدة المسيحية، نحن نؤمن بأن الله خلق جميع الكائنات الحية، وأن الله هو مصدر الحياة، وهو الحياة نفسها. لذلك لا معنى للحياة بدون الله.

فيه كانت الحياة (يوحنا 1: 4)

أجاب يسوع: «أنا هو الطريق والحق والحياة. (يوحنا 14: 6)

كما تحدث سفر أعمال الرسل عن يسوع باعتباره “رئيس الحياة” (أع 3: 15).

لا نعرف كيف خلق الله جميع الكائنات الحية، لكن المخطط العام في تكوين 1 ينص بوضوح على أن الله بارك الكائنات الحية حتى تكون مثمرة وتتزايد في العدد.

– وقال الله: «لتنبت الأرض عشبًا، وبقلا يبزر بزرًا، وشجرًا يبزر بزرًا، في الأرض، يعمل ثمرًا بزره فيه، كجنسه». وكان الأمر كذلك.

– وقال الله: «لتفض المياه ذات نفس حية، وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء». … وباركهم الله وقال: “أثمروا وأكثروا واملأوا البحار ماءً، وليكثر الطير على الأرض”.

– وقال الله: «لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها: بهائم وحيوانات تدب على الأرض، ووحوش البرية، كل بحسب جنسه». وكان الأمر كذلك.

– فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقهم؛ ذكرا وأنثى خلقهم. وباركهم الله وقال لهم: «أثمروا واكثروا. املأوا الأرض وأخضعوها. وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل نفس حية تدب على الأرض».

ماذا لو نجح العلماء في إنتاج كائنات حية من مواد غير حية؟

الفكرة وراء وجهة النظر المادية هي أنه إذا كنا قادرين على الحصول على حياة تخرج من اللاحياة، فليست هناك حاجة لوجود إله، و بالتالي سيتم دحض الحجة التي يستخدمها المتدينون بأن الله هو مصدر الحياة. ومع ذلك، ستظل هذه مغالطة منطقية لأن مثل هذه التجربة، حتى لو ادعى أنها تحاكي الأسباب الطبيعية في الأرض قبل ظهور الحياة، هي في حد ذاتها تجربة “مصممة” من قبل بشر أذكياء.

ملخص

الحياة كحسب العلماء تتكون من: مادة (كيمياء + فيزياء) + معلومات (Information)

لا يزال العلماء جاهلين بشأن جوانب الحياة غير المادية

لا يزال العلماء يجهلون أصل الحياة

مصدر الحياة حسب الإيمان المسيحي هو: الله

Leave a Reply