هل كان العلماء قادرين على “خلق” الحياة؟
في مايو 2010، أصبح فريق من العلماء بقيادة الدكتور ج. كريج فينتر أول من نجح في خلق ما وصف بـ “الحياة الاصطناعية” (Synthetic life).
الدكتور فنتر هو عالم أمريكي في مجال التكنولوجيا الحيوية ورجل أعمال، معروف بالعديد من المساهمات الرائعة في مجال علم الوراثة. تم إجراء تجربة تصنيع الحياة عن طريق تصنيع جزيء DNA طويل جدًا يحتوي على جينوم بكتيريا كامل، وإدخاله في خلية أخرى. يحتوي الكائن الحي أحادي الخلية على أربع “علامات مائية” مكتوبة في الحمض النووي الخاص به لتحديد هويته على أنه اصطناعي وللمساعدة في تتبع نسله. العلامات المائية تشمل
- أسماء العلماء المساهمين
- ثلاثة اقتباسات مشهورة، و
- نص HTML يعطي عنوان البريد الإلكتروني السري للكائن الحي.
مر مشروع الحياة الاصطناعية بمراحل متعددة
– أولاً، قام الفريق بتعديل الحمض النووي من بكتريا وإدخاله في خلية بكتيرية حية أخرى
– في عام 2010، قاموا بإنشاء وتصميم الحمض النووي الكامل وإدخاله إلى الخلايا المضيفة البكتيرية المفرغة جينيًا. وكانت الخلايا المضيفة قادرة على النمو والتكاثر. وكان الكائن الجديد الناتج يسمى: مختبر الميكوبلازما (The Mycoplasma laboratorium)
– في عام 2014، قاموا باستخراج جينوم بكتريا الإيكولاي (E-coli)، واستبداله بكروموسوم يحتوي على شفرة وراثية صناعية
– لا يزال الفريق مستمرًا في جهوده لإنشاء أشكال اصطناعية جديدة من الحياة، مثل المتغيرات من بكتيريا E-coli.
توفر هذه الجهود تطبيقات ضخمة مثل تصنيع الأدوية وإزالة السموم من الأراضي والمياه الملوثة.
إلا أن تلك “الحياة الاصطناعية” الجديدة لم يصنعها الإنسان من مكونات غير حية، وذلك للأسباب التالية:
– في عملية تجميع جزيء الحمض النووي، يتم أخذ الكثير من الإنزيمات والمكونات من الخلايا الحية الأخرى
– المعلومات الموجودة داخل الحمض النووي نفسه، تم تعلم الكثير منها أو نسخها أو تكرارها من رموز الحمض النووي الموجودة
– لا تزال الخلية المضيفة خلية حية تتمتع بقدرات موجودة مسبقًا لقراءة الرموز الموجودة في الحمض النووي وإنتاج البروتين وفقًا لذلك، لذا فهي أشبه باستبدال برنامجها الأصلي ببرنامج آخر مخصص
– لا تزال كل هذه الجهود تركز على الكائنات البسيطة وحيدة الخلية، حيث أن أشكال الحياة الأخرى معقدة للغاية
بمعنى آخر،اذا كان تعريف “الخلية الاصطناعية” الحية على أنها خلية اصطناعية بالكامل يمكنها التقاط الطاقة والحفاظ على الأيونات وتحتوي على جزيئات كبيرة بالإضافة إلى تخزين المعلومات ولديها القدرة على التحور، فلم يتمكن أحد من خلق مثل هذه الخلية. النقطة المهمة هي أنه إذا كانت المواد الحية ضرورية لخلق أو لتصنيع حياة اخرى ، فإنها لم تعد مادة كيميائية غير حية.
ومن ناحية أخرى، فإن هذه الجهود العلمية تشير في الواقع إلى نتيجتين:
– أن المعلومات المصممة رقميًا والمشفرة في حمضنا النووي تثبت أن الحياة هي أكثر بكثير من مجرد كيمياء وفيزياء، حيث تتحكم المعلومات الدقيقة للغاية في هويتنا. يجب أن تكون هذه المعلومات قد نشأت من مصدر ذكي.
– بمساعدة الحاسبات والمختبرات المتقدمة، و التصميم والمعرفة الحاليين، والحياة الموجودة للنسخ منها، كان لا يزال من الصعب جدًا تصميم وإنتاج حمض نووي فعال، لذا ما مدى صعوبة تخيل إنشاء هذه الأنظمة المعقدة من تلقاء نفسها فقط من خلال عمليات طبيعية عشوائية أو غير موجهة دون أدوات أو نية لخلق كائنات حية.
ما هي الاستنتاجات التي يمكنك استخلاصها من هذه المعلومات؟ هل خلق العلماء الحياة؟ نحن لا نرى الأمر بهذه الطريقة. من المؤكد أن التلاعب بالحياة ليس مثل خلق الحياة. لا يمكن النظر إلى التطويع الذكي للمعلومات الموجودة كدليل على أن المعلومات كانت قادرة على خلق نفسها ذات يوم منذ زمن طويل.