“سولا فيدي” هي العقيدة الثانية من بين العقائد الخمس المعروفة باسم “السولا”. وتنص هذه العقيدة على أن التبرير يتم من خلال الإيمان وحده. وفقًا للتعليم البروتستانتي التقليدي، يُفهم التبرير على أنه إعلان من الله بأن الإنسان بار، حيث يُمنح برًا محسوبًا له. أي أن الله ينظر إلى المؤمن كإنسان بار، لأنه ألبسه برّ المسيح، وليس لأنه أصبح بارًا في ذاته أو بطبيعته.
فلا يوجد أي معنى يُفهم منه أن المؤمن بار في ذاته. وقد شدد مارتن لوثر خصوصًا على أن “الإيمان وحده” يتعارض مع الأعمال الصالحة. ففي العقيدة اللوثرية، لا علاقة للأعمال الصالحة بالخلاص، إلا بوصفها علامة أو نتيجة للإيمان الحقيقي. وذكر اللوثريون والمشيخيون أن كنائسهم، باتفاق عام، تعلّم أن الإنسان لا يمكن أن يتبرر أمام الله بقوته أو استحقاقه أو أعماله، بل يُتبرر مجانًا من أجل المسيح، بالإيمان، حين يؤمن أنه قد نال رضا الله. كذلك، أن خطاياه قد غُفرت من أجل المسيح، الذي كفّر بموته عن خطايانا. وهذا الإيمان يحسبه الله برًا في عينيه. (الاعتراف الأوغسبورغي، 1530)
وقد صيغت عقيدة “سولا فيدي” بشكل رئيسي كردّ على إصرار الكنيسة الكاثوليكية الرومانية على ضرورة الأعمال الصالحة، والنظام الكامل للأعمال المستحقة، والتكفير، والمطهر، وصكوك الغفران. كان لوثر مصرًا جدًا على هذه الصيغة التي تضع الإيمان وحده كأساس للخلاص دون الأعمال، حتى أنه أثناء ترجمته رسالة رومية 3 :28 إلى اللغة الألمانية، أضاف كلمة “وحده” (allein) إلى النص، لتصبح الآية: “إذ نرى أن الإنسان يتبرر بالإيمان وحده دون أعمال الناموس”. إلا أن كلمة “وحده” غير موجودة في النص اليوناني الأصلي، ولا يوحي بها السياق.
كان لوثر أيضًا منزعجًا من المعارضة الظاهرة لعقيدته “سولا فيدي” في رسالة يعقوب، لدرجة أنه شكّك في أن يكون كاتبها رسولًا، لأنها “تتعارض تمامًا” مع تعليم بولس الرسول وبقية الكتاب المقدس. ولذلك خلص إلى أن رسالة يعقوب، مقارنة بكتب العهد الجديد الأخرى، “ليست إلا رسالة من قش، لأنها لا تحتوي على شيء من طبيعة الإنجيل” (أعمال لوثر، 35 :362)
وعلى الرغم من أن لوثر أراد في البداية حذف رسالة يعقوب من قانون الأسفار، فقد اختار في النهاية الإبقاء عليها. بل إنه شكك في سلطة عدة أسفار أخرى أيضًا، مثل يهوذا، العبرانيين، وسفر الرؤيا. فهل من قبيل المصادفة أن عبارة “الإيمان وحده” لم ترد إلا في رسالة يعقوب؟ إذ يقول:
“ترون إذًا أن الإنسان يتبرر بالأعمال، لا بالإيمان فقط.” (يعقوب 2 :24)