هل شفى المسيح أعميان أم أعمى واحد فقط ؟ وهل كان ذاهب إلى أريحا أم خارج من أريحا؟1 min read

You are currently viewing هل شفى المسيح أعميان أم أعمى واحد فقط ؟ وهل كان ذاهب إلى أريحا أم خارج من أريحا؟<span class="wtr-time-wrap after-title"><span class="wtr-time-number">1</span> min read</span>

يذكر انجيل متى ان السيد المسيح شفى اعميان (مت 20) اما انجيلي مرقس ولوقا فيذكران ان السيد المسيح شفى اعمى واحد فقط (مر 10 – لو 18)

وايضا انجيل لوقا يقول ان المسيح كان خارجا من اريحا (لوقا ١٨) في حين ان انجيل مرقس يقول انه كان خارجا من اريحا (مرقس ١٠)! 

هل هناك حل لهذه التناقضات؟

يتفنن المشككين في صحة الكتاب المقدس في البحث عن أي مواقف تثبت وجود تناقض في الكتاب المقدّس، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء البحث وراء المواقف والآيات واللغة والتاريخ والجغرافيا. يكتفون فقط بقراءة الكتاب المقدس بلغتهم ولا يرجعوا إلى اللغة الأصلية التي كُتب بها الكتاب، ويتعمدّون تجاهل المعلومات الجغرافية والتاريخية الخاصة بالأماكن والأحداث المذكورة.

من أشهر الأمثلة هو موقف شفاء الأعميان الذي ذكره متى البشير. وقبل أن ندخل في الموضوع نفسه أريد من القاريء أن يتخيّل الموقف التالي. 

تخيّل أن أحد أصدقاؤك المقرّبين منك جدًّا يمتلك هاتفين محمولين، وأحدهم انكسرت شاشته، فقال أمام مجموعة من أصدقاؤكم أنه ذاهب لإصلاح هاتفه المحمول. هل هنا يكون هذا الشخص كاذب أو متناقض؟ أنت تعلم أنه يمتلك هاتفين وليس هاتف واحد، ولكنه لم يقل أنا ذاهب لإصلاح هاتفي الوحيد الذي لا أملك غيره، هو فقط ذكر أنه سيذهب لإصلاح الهاتف، وهذا لا ينفي وجود هاتفين.

بالمثل تمامًا، لما ذكر البشيرين حادث شفاء أعمى (وهو نفس الحادث الذي ذكره متى البشير بنفس الكلمات تقريبًا، مما يعني أنه نفس الموقف) لم يقولوا أنه كان أعمى واحد فقط، ولكنهم قالوا أنه تم شفاء أعمى، ومما يظهر من الحكاية أنهم ركّزوا على شخص الأعمى لأنه ابن شخص مشهور لدى القراء (بارتيماوس = ابن تيماوس) في حين أنهم لم ينفوا وجود أعمى آخر.

القاعدة تقول: ذكر البعض لا ينفي وجود الكل، بمعنى أن ذكر مرقس ولوقا البشيرين لشخص واحد لا ينفي وجود شخصين. لو كانوا قالوا أعمى واحد فقط لا غير كان يمكن أن نقول أن هناك تناقض. وهناك أيضًا رأي يقول أن الأعميان لم يكونا متجاوران، من الممكن جدًّا أن يكون المسيح شفى أعمى في بداية الطريق وآخر في منتصف الطريق، فذكر مرقس ولوقا أحدهم بينما ذكر متى الاثنين.

وهذا يقودنا إلى التناقض الآخر المزعوم، هل كان المسيح خارج من أريحا أم ذاهب إلى أريحا؟ ما بين عام 1929 و1936 قام عالم الآثار الانجليزي جون جارستانج (John Garstang) بأبحاث في منطقة فلسطين، اكتشف من خلالها وجود مدينتين باسم أريحا، إحداهم هي مدينة أريحا التي سقطت أسوارها أمام يشوع وشعب بني اسرائيل (وتم بناؤها وهُدِمت عدة مرات) والأخرى هي أريحا هيرودس، وبها قصر هيرودس الشتوي وتقع جنوب غرب أريحا القديمة، والمسافة بينهم ميل (حوالي كيلو ونصف) وتكلم المؤرخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس عن وجود المدينتين في كتابه حروب اليهود وأيضًا في كتاب آثار اليهود.

إذا، كان المسيح خارج من أريحا القديمة بحسب مرقس البشير، متجه إلى أريحا هيرودس بحسب لوقا البشير، وهو قادم من عبر الأردن متجه إلى أورشليم، وفي الطريق قام بشفاء أعميين (بحسب متى البشير) أحدهم هو بارتيماوس (بحسب مرقس البشير) والآخر غير معروف لدى القراء، ومن الممكن جدًا في مسافة ال1500 متر أن يكون الأعميان غير متجاورين، وبالتالي ذكر مرقس ولوقا أحدهم، وذكر متى الاثنين.

كل هذه المعلومات تقودنا إلى أن نتعلّم كيف نقرأ الكتاب المقدس، وأن نبحث خلف الكلمات عن معانيها الروحية والحرفية أيضًا والتاريخية، ونصلّي من أجل المشككين الذين يغلقون عيون قلوبهم وعقولهم لكي يفتح المسيح أعينهم كما فتح اعين العميان.

Leave a Reply